حدائق إدلب الخضراء المتنفس والملاذ في زمن الحرب - It's Over 9000!

حدائق إدلب الخضراء المتنفس والملاذ في زمن الحرب

بلدي نيوز- (فراس عز الدين)
استعادت حدائق إدلب وأحراشها ألقها، وباتت مقصدا للمدنيين الهاربين من منغصات الحياة، ورائحة الدم والموت يعبقان في المكان، وتختار العائلات يوم الجمعة بعد أداء الصلاة وأحيانا قبلها، خاصة مع بداية فصل الربيع، للترويح عن أنفسهم وقضاء ساعات في أحضان الطبيعة.
ثمة أناس يفترشون العشب على حصيرة عتيقة، في حين تتبادل مجموعات أخرى الحديث عن أحوالهم، وأخرى تشرب الشاي الذي أعد على الحطب طلبا لنكهة قلما يحظى بها الشخص، وثمة صغار يحلقون حول أهاليهم احتفاء بقدوم الربيع.
يقول "أبو عامر" في حديث لبلدي نيوز؛ "أقصد أقربِ منتزهٍ من بيتي وأمارس هوايتي اليومية في شرب فنجان قهوةٍ على العشب، لكن يوم الجمعة يحمل نكهةً أخرى".
ويردف بصوتٍ خافت؛ "استذكر سيران الشام في الغوطة الشرقية أو الربوة والهامة، ﻻ شيء يماثل تلك الأيام، لكن استحضر المكان".
بالقرب من منطقة إحسان المبيض وإلى بعد أمتارٍ من مسجد سعد بن أبي وقاص؛ حدائق شاهدةٌ على أنّ إدلب ﻻ تزال "إدلب الخضراء"، كما يصفها أهلها، ينتشر الناس طلباً للراحة من عناء وهموم الحياة.
المنتزهات والحدائق تشكل رئة الأسر الفقيرة، "أبو حمزة" مثلاً تزوج قبل نحو أربعة أشهر ويؤكد أنه يزور إحدى الحدائق بعد كل صلاة جمعة، رفقة زوجته وإبريقِ شاي وكيس الموالح.
ويردف؛ "أحياناً نلتقي ببعض الأصدقاء؛ خيرٌ من دخول المطاعم وتسديد فاتورةٍ نحن بغنىً عنها".
أما "أبو مالك" وهو من مهجري الهامة بريف دمشق، فيقول: "على الرغم من أننا نستمتع بوقتنا ونخرج لنسيان الحرب، إلا أنّ لعنتها تلاحقنا، فلا يخلو حديث من أخبار الحرب والسياسة والمعيشة".
التمتع بأشعة الشمس الدافئة يرافقها البحث في تفاصيل الدمار المحيط، يجمع معظم من التقينا بهم أنّ المشهد بقدر ما يفرحهم، يراكم الحزب في النفس.
أمام عربةٍ صغيرةٍ ينادي "أبو مؤمن" على القهوة و"الإسبريسو"، وفي الجانب الآخر بائع الموالح، وثمة أحصنةٌ وجدت في المكان لإدخال السرور إلى نفوس الأطفال، ينادي أحدهم بمئتي ليرةٍ لا غير، مشيراً إلى تسعيرة الركوب، مشهدٌ يعكس رغبة الناس بالتمتع والعيش، وبحسب البعض، "لرمي الهموم خلف ظهورهم".
نظرةٌ مختلفة يحملها البعض عن النزهة يوم الجمعة، تحمل في طياتها "فلسفة الألم" بحسب غسان مدرس اللغة العربية في إحدى مدارس إدلب الثانوية، لكنه في الوقت ذاته ﻻ ينفي أنّ الربط بين المكان وألم الذكريات شيءٌ خاطئ.
يقول غسان؛ "بينما كنتُ أجلس أشرب القهوة وإلى جانبي زوجتي وطفلي الصغير، كانت السماء مثل ساحة الحجاز وسط دمشق، الطائرات لم تغادرها، وصافرة الإنذار أنزلتنا من محطة الهدوء، جميع من حولنا غادر مسرعاً، أمّا نحن فتأخرنا بعض الشيء فقط كانت أبصارنا تراقب حركة الطيران، لملمنا أمتعتنا على عجل واتجهنا إلى الأمام على بعد أمتار".
يذكر "أبو مالك" في حديثه، أنّ التبولة المكونة من البقدونس والبرغل والبندورة والخس والزيت، لا بدّ أن تكون حاضرةً في السيران الشامي، لكن الأمر هنا مختلفٌ، فالمسألة تتعلق بالتكلفة، ويستدرك بالقول: "رغم ذلك لا بأس من تحضيرها وإحضارها لترافقنا في نزهتنا، إذ لا يعقل أن تتقشف إلى هذا الحد، فالعائلة بحاجة لمتنفس ﻻ لتعميق الألم والحسرة في النفس".

مقالات ذات صلة

الطائرات المسيرة خطر يلاحق سكان شمال غربي سوريا

دير الزور.. مواجهات بين مدنيين وعناصر من "قسد "

توتر ومواجهات بين السكان وميليشيات موالية في البوكمال

نصائح للحد من أعراض الحساسية الموسمية "الربيعية "

درعا.. اغتيال مدني داخل منزله في الحراك

سبعة مدنيين ضحايا العنف في السويداء في شباط الماضي