الليرة السورية في الشمال وجدل الاستبدال

بلدي نيوز - (فراس عزالدين)
تأثر الشمال السوري بانهيار الليرة السورية، وانعكس تهاوي سعر الصرف على حياة المواطنين، وللحدِّ من تلك الآثار السيئة، ظهرت دعوات وتسريبات لاستبدال الليرة بعملة بديلة أكثر استقرارا؛ مما أثار جدلا في الشارع، وارتبط رأي الطرف المؤيد على اعتبار أنها أداة ضغط على النظام، وحرمانه من الدولارات التي تدخل المحرر، في حين تعتقد شريحة أخرى أنّ من شأن تطبيق الاستبدال، فتحا لباب الارتهان السياسي لقرار دول إقليمية كتركيا.
وسبق أن طرح الموضوع، في شهر آب/أغسطس 2015، ولاقى تجاذبات وجدل واسع في الشارع المعارض.
وتعتقد اﻷستاذة ريما الكاتب المهتمة بالشأن الاقتصادي، أن إجراء استبدال الليرة السورية بغيرها يجب ألا يرتبط بأمرٍ عاطفي، كما أنّ الأمر عميق ومعقد، ومن الضروري أن يستند لإجراءات اقتصادية واضحة، بعد أن يتم توضيح إيجابيات وسلبيات الموضوع، ومراعاة تبعاته المستقبلية، من الناحية السياسية.
ولفتت إلى ضرورة وجود جهة تعمل على ضبط مسألة الاستبدال وتحديد سقف سعر صرف واضح. وهذه غير موجودة حقيقة في المحرر.
وتعتمد وجهة نظر الفريق المؤيد للفكرة باعتبارها تنظر لها كخطوة لتحقيق الاستقرار في سعر السلع والمواد الأساسية في السوق، فضلا عن كونها ستؤدي لحرمان النظام من ملايين الدولارات التي تدخل المحرر ويتم تحويلها إلى الليرة السورية.
وبالمجمل، تبدو المعارضة حائرة، في اتخاذ موقف واضح مع غياب الدراسة اﻷكاديمية اﻻقتصادية، ما سبب ارتباكا في الفهم لدى المواطنين في المحرر، وانقسامهم بين مؤيد ومعارض، وفق اﻷستاذة ريما الكاتب.
ويتقاضى عددٌ كبير من الموظفين في المحرر أجورهم بالليرة السورية، التي تأتيهم من مناطق النظام، ما سينعكس سلبا على معيشتهم في حال اتخذ قرار الاستبدال دون مراعاة هذه النقطة، وفق الكاتب.
في حين تعلو أصوات للمطالبة بالليرة التركية بديلا، على اعتبار أنّ تركيا باتت شريكا تجاريا في بعض مناطق الشمال السوري، وهو صوت التجار المقربين من اﻷتراك وبعض السياسيين أو الفصائل المدعومة من أنقرة.
يشار إلى أنّ سبب هذه الدعوة، هو تراجع القيمة الشرائية لليرة السورية، حيث سجلت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الفائت أدنى مستوى لها في تاريخ البلاد على الإطلاق، وتجاوز الدولار عتبة 830 ليرة.
ويشير اﻷستاذ معاذ بازرباشي المهتم بالشأن اﻻقتصادي، إلى أنه "يجب مراعاة سلبيات الفكرة؛ فالدعوة ﻻ تزال تطالب باستبدال الليرة السورية بالتركية، دون ملاحظة فوارق الدخل بين السوريين واﻷتراك، ما يعني المس مجددا بمعيشة المواطن السوري، في المحرر".
وأضاف؛ "استبدال الليرة السورية بغيرها وعلى سبيل المثال بالليرة التركية كما يشاع، سيعني ربط اقتصاد المحرر باﻻقتصاد التركي، دون مراعاة المرحلة المقبلة سياسيا".
وارتفعت الأسعار في المحرر بصورةٍ ملحوظة، ﻻسيما المحروقات وبالتالي؛ الخبز والكهرباء "اﻷمبيرات" وسط استياء شعبي كبير.
وكانت برزت دعوات منذ العام 2016 لاختيار الليرة التركية بديلا إلا أنّ عوائق كثيرة حالت دون ذلك، ولم تفلح حتى المطالبات بعدم تداول الورقة النقدية من فئة الـ"ألفي ليرة" والتي تحمل صورة رأس النظام، بشار اﻷسد.
يشار إلى أنّ أغلب التعاملات في السوق تسعّر بالدوﻻر اﻷمريكي، إﻻ أنّ السداد يتم بالليرة السورية.
ومن المرجح بحسب تقرير لموقع "اقتصاد" المعارض، أن يتم استخدام الليرة التركية في السوق، وهذا يحتاج إلى فترة زمنية بين 4 إلى 6 أشهر. إلا أنّ هناك ما يمنع مؤقتا من تداول عملات بديلة عن الليرة وفق مراقبين، وبيّن تقرير لموقع "اقتصاد"، جملةً منها؛ في مقدمتها؛ "غياب السياسة النقدية في المحرر، وكذلك غياب بنك مركزي يحدد سعر صرف العملات".
يذكر أنّ سعر صرف الدولار في دمشق، سجل 980 ل.س مبيع في افتتاح تعاملات اليوم الثلاثاء 3 كانون اﻷول/ديسمبر الجاري، وهو أدنى مستوى لسعر الليرة في تاريخ البلاد، في حين بلغ سعر صرف الدوﻻر في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة 960 ل.س.
بالمجمل، تبدو أبعاد التعامل بعملة غير محلية تحتمل مخاطر واضحة على المواطن بداية، وعلى مسألة اﻻرتهان للسوق بدول الجوار وبالتالي؛ التأثر بها، مع ملاحظة الفوارق المعيشية بين منطقتين، إضافة لنقطة يركز عليها الكثير من أصحاب الفكر، والتي تتعلق بملف اﻻرتهان السياسي للغير نتيجة الارتباط الاقتصادي، دون نكران ما ستعنيه عملية استبدال الليرة بغيرها من صفعة للنظام، والإجماع على ضرورة بحث الملف بجدية وعناية والموازنة في الخيرات المطروحة، وفق اﻷستاذة ريما الكاتب.

مقالات متعلقة