بلدي نيوز – عمر الحسن
بدأت روسيا حملتها العسكرية في سوريا باستخدام واسع ومكثف للطائرات القاذفة، والتي ألقت آلاف أطنان الذخائر على المدن والبلدات السورية .
ومع انتهاء الفترة التجريبية الاستعراضية للقاذفات الروسية ، بدأ الروس بسحبها والتقليل نسبياً من أعدادها وإرسال الحوامات بدلاً عنها للعمل في سوريا، حيث ظهرت الحوامات في أكثر من منطقة في معارك الساحل وريف حمص وصولاً إلى تدمر .
فقد اعتمد الروس على الحوامات لأكثر من سبب - إضافة لموضوع الاستعراض- منها التكلفة التشغيلية الأقل، والحاجة لها في استهداف العربات والسيارات وبخاصة المتحركة، التي يصعب على القاذفات الروسية إصابتها من ارتفاعات عالية .
إضافة للتأثير النفسي ، والحاجة الكبيرة لها للبقاء أطول فترة ممكن فوق ميدان المعركة .
فخلافاً للعادة أطلق الروس حملتهم العسكرية في سوريا في توقيت مختلف عن الحملات العسكرية المعتادة، التي تبدأ في بداية الربيع، كحال الحملتين التي شنت على العراق مثلاً في 1991 و 2003، والتي بدأتها القوات الأمريكية في الربيع .
فيبدو أن الروس إضافة لكونهم دخلوا إلى سوريا في لحظات حرجة من عمر النظام ، والتي كان النظام خلالها يترنح بشدة، اختاروا هذا التوقيت لسبب إضافي هو ملائمة هذا الوقت لعملياتهم، سواء بالنسبة لتجهيزاتهم أوحتى بالنسبة لجنودهم .
فالجنود الروس الذين يعيشون حياتهم في مناطق باردة أو معتدلة على أبعد تقدير، لن يحتملوا الحرارة المرتفعة صيفاً في سوريا والتي تصل حتى 50 درجة مئوية، والتي ستؤثر على نشاطهم وقدرتهم على العمل وتنفيذ مهماتهم، فضلاً عن عدم قدرتهم على العمل في الظروف الجوية الاستثنائية في المناطق المختلفة، وبخاصة أثناء العواصف الغبارية التي تصيب مناطق شاسعة من سوريا صيفاً، وبخاصة في المنطقة الشرقية والشمالية والوسطى .
يضاف إلى ذلك ، تأثر الأعتدة الروسية المختلفة بالحرارة العالية والغبار، خصوصاً أن روسيا استقدمت معها تجهيزات مخصصة للجيش الروسي، وهي مؤهلة أساساً للعمل في الظروف المناخية في روسيا وأوربا وحتى القطبين، وليس في الصحراء السورية وفي درجات حرارة تتجاوز 50 درجة مئوية، وعواصف غبارية تستمر أحيانا لأيام.
معارك ريف حمص
يعتمد الروس على قوتهم الجوية كجهد أساسي في المعارك التي يدخلون فيها، يضاف إليها المدفعية والمدفعية الصاروخية التي يستخدمون طائرات استطلاع وعناصر "توجيه أمامي" لتحديد أهدافها، وقيادة الضربات الجوية والمدفعية .
لكن الحرارة العالية والغبار سوف يحد بشدة من فاعلية طائراتهم المروحية بشكل أساسين والتي يعتمدون عليها كثيراً، حيث يعرف عن الطائرات الحوامة الروسية وجود مشاكل في محركاتها تمنع تشغيلها في درجات الحرارة والغبار العالية، ما سيخفض قدرتهم على استخدامها ويحد من فاعليتها، ويدفعهم لتكثيف استخدامها ليلاً .
أما في حالات العواصف الغبارية والجو المغبر، فقد تتوقف الطائرات الحوامة عن العمل تماماً خصوصاً أنها لا تستطيع الطيران فوق مستويات العواصف الرملية، وحتى لو فعلت فلن تستطيع تقديم أي إسناد جوي بسبب انعدام الرؤية .
وينطبق الأمر على طائرات الاستطلاع المسيرة، والتي لن تستطيع فعلياً تنفيذ عمليات استطلاع في الأجواء المغبرة، حيث ستغطي العواصف الرملية أي حركة لأي رتل أو قوة في البادية السورية، وبالأخص في محيط تدمر وشرقي حمص، التي تشهد معارك طاحنة حول حقول الغاز في شاعر والمهر، في ما يبدو محاولة لإعادة طريق تدمر ومحاصرتها بطريقة غير مباشرة، وخنقها تمهيداً لإعادة السيطرة عليها .
كذلك ستمنع العواصف الغبارية طائرات الاستطلاع وعناصر التوجيه الأمامي الروس من تحديد الأهداف للقصف، ما يعني عدم قدرة الروس على الاستفادة من القدرة النارية الكبيرة لديهم بالشكل الذي استخدموها فيه خلال معركة تدمر الأخيرة .
الروس يعرفون بأهمية المنطقة وتأثيرها، لذلك نشروا عدداً من طائراتهم الحوامة التي دخلت معارك ريف حمص وتدمر، على الطرف الآخر تتعرض هذه المنطقة لحملة واسعة من قبل تنظيم "الدولة"، بسبب أهميتها وكونها تمثل الممر الأساسي باتجاه القلمون وثم لبنان، وتقطع التواصل مع العراق وتحتوي أهم مطارين في سوريا، التيفور والشعيرات، اللذين نشرت فيهما روسيا حواماتها ما أعطاها كفاءة عملياتية كبيرة في المنطقة، ما يبرر الهجوم الواسع الذي يشنه التنظيم منذ فترة طويلة عليها، والذي وصل لمراحل قصف فيها التنظيم مطار التيفور، وسيطر على عدة مناطق ونقاط عسكرية للنظام فيه قد يكون أشهرها الكتيبة المهجورة، التي دخلها التنظيم عدة مرات .
تعتبر معارك ريف حمص معارك مهمة بالنسبة للتنظيم ، فهو يستنزف النظام فيها للحد الأقصى، ويكبده خسائر فادحة ويحصل منه على أكداس من "الغنائم" كل مرة يدخل فيها إحدى قواعده التي يضطر النظام لتكديس الذخائر فيها بسبب صعوبة الإمداد وسهولة تعرض أرتاله لكمائن، كانت آخرها صواريخ موجهة مضادة للدبابات وعربات ومدفعية مضادة للطائرات .
فبسبب فعالية التنظيم في تل المعارك أجبر النظام على تغيير تكتيكات استخدام طائراته لتقصف من ارتفاعات أقل، بهدف تحقيق إصابات أفضل، ما تسبب في إسقاط عدة طائرات للنظام بنيران المضادات الأرضية للتنظيم أثناء معاركه ضد النظام .
فتبادل الكر و الفر في المنطقة الواقعة بين معبر التنف والسخنة وحمص ضمن البادية السورية يمثل المعركة الأوسع التي تخوضها قوات النظام حالياً، والتي يتوقع أن تشهد انكساراً للنظام مع توقف الدعم الروسي بسبب الصيف الذي يقترب بسرعة بعواصفه وغباره .
حيث يبدو أن الصيف القادم سيشهد معارك ضخمة في ريف حمص الشرقي، وبخاصة مدينة تدمر ومحيطها التي قد يعود التنظيم مستفيداً من العواصف الرملية وانخفاض فعالية القوات الروسية بسبب المناخ، وربما العودة للسيطرة عليها .