سوريا بين وبائين.. "الأسد وكورونا" - It's Over 9000!

سوريا بين وبائين.. "الأسد وكورونا"

بلدي نيوز - (تركي مصطفى)  

في إطار الحرب الدائرة بسوريا منذ مارس/ آذار 2011، يتسلل وباء "كورونا" إلى منطقة الشرق الأوسط من البوابة الإيرانية ويضرب بقوة كل الدول المجاورة، ومنها مناطق نفوذ نظام الأسد، رغم شائعات الأجهزة الأمنية التي رددت في البداية أن لا إصابات في سوريا، حتى سارعت "منظّمة الصحّة العالمية" إلى تأكيد كلام الأجهزة بخلو البلاد من هذا الوباء. 

إجراءات نظام الأسد الحالية تدل على تفشي الوباء في العاصمة دمشق، وبالأخص في مناطق تواجد الميليشيات الإيرانية كالسيدة زينب جنوب دمشق، ومحاور الجبهات في ريفي إدلب وحلب، ومع ذلك لايزال أنصاره يرددون "سوريا الله حاميها". 

اكتسب السوريون في المناطق الخارجة عن نفوذ الأسد مناعة مختلفة عن بقية العالم نظرًا للأوبئة التي واجهوها خلال السنوات الماضية، فأغلب المناطق السورية أصابها "وباء الأسد" عندما لجأ إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين التي فتكت بأجساد الأطفال والنساء، وقتلت وأصابت الآلاف؛ وحدها الغوطة شيعت عام 2013 أكثر من 1466 شهيداً و3600 مصاباً، فيما سجلت مجزرة خان شيخون بالسلاح الكيماوي  109 شهداء و320 مصاباً، وأما مجزرة عقيربات بريف حماه فارتفع عدد ضحاياها إلى 130 وفاة و250 مصاباً، فضلاً عن هجمات استهدفت سراقب واللطامنة وكفرزيتا، مع انعدام أدنى متطلبات العلاج، إضافة إلى شح الإمكانيات الصحية بشكلها العام وانهيار القطاع الصحي بعد أن قامت موسكو بتدمير المشافي والمراكز الصحية بالطيران الحربي. 

وفي السياق، ذكر تقرير "منسقو الاستجابة" أن "القطاع الطبي خسر بين شهري أبريل/نيسان 2019 وحتى أذار/مارس 2020 أكثر من 83 منشأة طبية"، فيما أكد لبلدي نيوز الدكتور "خالد باريش" أخصائي طب الطوارئ وإنعاش أطفال "pals" أن "القطاع الطبي في إدلب يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية نتيجة القصف الجوي لطائرات روسيا وتلك التابعة لنظام الأسد، حيث بات عدد الأطباء في المنطقة المحررة ما يقارب 600 طبيب، فيما عدد المنافس لا يتجاوز 100 منفسة بين منافس جراحية وعناية مشددة لأمراض القلب، و29 منفسة للأطفال حديثي الولادة"، وأضاف باريش: "لدينا جهاز وحيد في كل الشمال السوري لفحص المادة الصبغية للفيروس تعاقدت معه منظمة الصحة العالمية وأن 1000 عينة وصلت من وحدة تنسيق الدعم، وهذا المركز بإمكانه فحص 20 حالة يومياً فقط، ويتساءل الدكتور باريش "ماذا لو أجتاح الفيروس بلادنا التي انهارت منظومتها الصحية في السنة الأولى من الحرب، عدا عن الدمار الشامل الذي أصاب البلاد على كل الأصعدة"، فـ "كورونا" كارثة تضاف إلى كوارث الحرب التي سببها الأسد".  

ومما يدعو إلى القلق من عدم كفاءة المنظومة الصحية التي تسببت الحرب في انهيارها، يتعلق بعدد الأسِّرة، فما هو موجود منها في المستشفيات (العامة والخاصة) على شحها يشغلها آلاف الجرحى والمعاقين بسبب الحرب التي يشنها نظام الأسد ضد السوريين. 

ومع فداحة الكارثة تمكن "4178480" سوريا من الحفاظ على أرواحهم،  وبحسب  إحصائية "منسقو الاستجابة"، يسكن أكثر من "1022216" في المخيمات عدا عن مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، ذلك نتيجة الحرب الوحشية التي اشتركت فيها روسيا وإيران ومن خلفهما نظام الأسد لتدمير سوريا مما جعلها موطناً لأسوأ كارثة إنسانية في العالم.  

فالمشكلة الكبيرة التي تواجه شمال غرب سوريا تتمثل بتذبذب الدعم من أغلبية الجهات المانحة وعلى رأسها الولايات المتحدة، ووفقا لتقارير متباينة فإن السبب الرسمي لتذبذب دعم الولايات المتحدة هو أن "التنظيمات الراديكالية" التي تسيطر على شمال غرب سوريا تستأثر بالإمدادات الغذائية والمساعدات الأخرى الموجهة للشعب السوري، هذه الخطوة تتطابق أيضًا مع استراتيجية استخدمها الروس في حربهم ضد السوريين تتمثل بالحد من موارد السكان الذين يعيشون شمال غرب سوريا للضغط عليهم بذريعة وجود "تنظيمات إرهابية"، وعلى الرغم من احتجاج منظمات حقوق الإنسان واصلت روسيا عملياتها العسكرية بمساندة إيران ونظام الأسد إلى حين إقرار وقف إطلاق النار في الخامس من شهر مارس/ أذار الماضي، ومع ذلك نرى نظام الأسد يخترق وقف إطلاق النار على مدى الأيام القليلة الماضية على الرغم من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الأخيرة لوقف إطلاق نار عالمي، حتى يتمكن العالم من العمل معًا لمحاربة فيروس "كورونا". 

وحتى إذا توقف القتال فإن تفشي "كورونا" سيكون كارثياً بالنسبة لملايين المشردين في المخيمات، أما إذا لم يتوقف القتال فسيكون الوضع أسوأ بكثير.

حثت السلطات الحاكمة في سوريا بمختلف تياراتها، سواء النافذة في مناطق الأسد أو في المناطق المحررة وكذلك سلطة "قسد"، المواطنين للتعاون والتقيد بالتعليمات والقرارات لمواجهة انتشار الفيروس في الأماكن التي لم يصلها بعد، وتقليل حالات الإصابة المحتملة إلى أقل قدر ممكن، ولكن هذه المواجهة بطريقة العزل الطوعي ستقتل الناس جوعا في المخيمات لاعتماد المواطنين على أعمال مهنية ذات طابع حركي، ومنها العمل الزراعي والمحلات التجارية والصناعية كمصادر للدخل، وإغلاقها دون حلول يعني خلق مجاعة ستطال آلاف الأسر وإبقائها مفتوحة يعني انتشار واسع للفيروس. 

والسيناريو الأسوأ ما تقوم به سلطات نظام الأسد من إجراءات للحدّ من انتشار الفيروس، وذلك بإعلانها الحرب الاقتصادية ضد المواطنين الذين يفتقدون أدنى مقومات الحياة وهذا ما يفاقم المشكلة التي تواجه أغلبية الأسر السورية، حيث ظهرت ملامح ذلك من خلال الارتفاع الجنوني في الأسعار واحتكار المواد الغذائية واستغلال الحاجات، وحتى إذا تجاوز السوريون جائحة "كورونا" لكنهم حتما لن يستطيعوا مواجهة حرب نظام الأسد الاقتصادية، بل إن ضحايا هذه الحرب سيفوق عددهم بكثير ضحايا الفيروس، وهذا يوجب على الدول صاحبة القرار وضع حدّ لنظام الأسد الذي يستغل معاناة الناس لابتزاز الدول الفاعلة سياسياً لتجاوز جرائمه على مدى سنوات وإطلاق يد المقربين منه لاستغلال أزمة الفيروس للإثراء السريع وتكديس الأموال الطائلة على حساب الفقراء، وبحسب دراسات احصائية، فإن 61% من السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في حين صُنّف أغلبية السوريين ضمن الفئة المعرّضة لانعدام أمنها الغذائي وبالأخص في ظل انهيار سعر صرف الليرة وارتفاع أسعار السلع الغذائية، ولعل مشهد توزيع مادة الخبز في شوارع المدن السورية الخاضعة لنظام الأسد بطريقة لا أخلاقية تدلل على حجم المجاعة التي تجتاح تلك المناطق. من هنا، يدرك السوريون أن جرائم نظام الأسد تفوق الوباء الذي يجتاح العالم، بما شكله ولما يزل من إرهاب وهلع وأزمات متلاحقة، مما يجعل المجتمع يتحرك للحفاظ على ما تبقى من حياة أفراده وهناك أمثلة لأزمات رافقت الحرب لعب المجتمع دورا كبيرا في مواجهتها، كأزمة الحصار الخانق الذي تعرضت لها غالبية المدن والمناطق السورية إبان غزو الروس والإيرانيين والأسد لها، ومن أمثلة ذلك غوطة دمشق ومضايا وحمص القديمة وحي الوعر وغيرها وحاليا محافظة إدلب، ومع ذلك فإن ثمة عوامل كثيرة تجعل من الصعوبة على السوريين التزام إجراءات الحجر الصحي (منزليا). 

  وحتى إذا لم يصل "كورونا" إلى بعض المناطق السورية حتى الآن وبالأخص المناطق المحررة بسبب الحصار المفروض عليها، فإن هذا لن يحول دون اجتياح الفيروس لهذه المناطق ليقع السوريون بين وبائين؛ وباء نظام "الأسد" الذي حصد مئات آلاف الأرواح ووباء "كورونا" المضاف إلى الكوارث الأخرى التي حلت بالسوريين في حقبة آل الأسد.

مقالات ذات صلة

"جعجع" يكشف سبب طلب نظام الأسد من لبنان تفكيك أبراج المراقبة على الحدود

كم تبلغ حاجة الأسرة المؤلفة من خمسة أشخاص في رمضان في مناطق الأسد؟

"قسد" تعلن مقتل 6 من عناصرها في دير الزور

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على شخصيات وشركات داعمة لنظام الأسد

مجلة غربية تحمّل أمريكا والمجتمع الدولي مسؤولية نتائج انتهاكات نظام الأسد

تقديرات بارتفاع أسعار السلع الأساسية والغذائية إلى ضعفين ونصف في سوريا