من إدلب إلى عفرين.. "نيران مجهولة" ورسائل ممهورة بـ "الإجرام" - It's Over 9000!

من إدلب إلى عفرين.. "نيران مجهولة" ورسائل ممهورة بـ "الإجرام"

بلدي نيوز - (تركي مصطفى)

في إطار التصعيد الميداني الدائر في سوريا، يأتي استهداف مشفى الشفاء بمدينة عفرين، إثر قصف مدفعي مصدره "قوات سورية الديمقراطية" ومناطق سيطرة قوات "نظام الأسد"، ما أدى لمقتل وجرح عدد من المدنيين والكوادر الطبية، لتمثل هذه الجريمة أحد أبرز وقائع ما يعرف بـ "النيران المجهولة" وأكثرها دموية على مدينة عفرين خلال هذا التصعيد الذي يتسع نطاقه من قبل أطراف الصراع وعلى رأسهم الحلف الذي تقوده موسكو.

مفهوم "النيران المجهولة"

 ما يجدر ذكره -هنا- أن مفهوم "النيران المجهولة" تعني "نيران أسلحة قوات روسيا ونظام الأسد وقسد وميليشيات إيران"، التي تطلقها على مناطق شمال غربي سوريا، أي الواقعة تحت النفوذ التركي بذرائع ومبررات تستغل لإزهاق أرواح مئات المدنيين، فضلا عن تدمير البنى التحتية من مشافي ومدارس وأبنية سكنية وغيرها، بناء على مصالح متعلقة بأهداف الحرب ونتائجها الموجهة، في إطار أجندات معلنة ومتناقضة. كما جرى في القصف المدفعي الذي استهدف أمس السبت، مشفى الشفاء في عفرين، وكذلك استهداف بلدة إبلين في جبل الزاوية بالطيران الروسي وبالقصف المدفعي، صباح الخميس الماضي، حيث أدى القصف إلى مقتل عائلة كاملة من "آل العاصي" بينهم سيدة وطفلها. وبلغ العدد الكلي للشهداء 12 حتى ليل الجمعة.

هوية "النيران المجهولة"

لم يحصل أن اعترف الحلف الروسي بواقعة واحدة من هذه الجرائم، بل عادة ما تبرر روسيا ذلك بأنها استهدفت "إرهابيين" وفقا لمعلومات ميدانية، وهو ما يعد محاولة بائسة للتملص من المسؤولية، وما جرى في عفرين لا يمكن لأي طرف الإفلات من المسؤولية سواء في حالة الإنكار كموقف "قسد" من هذه الجريمة، أو التزام الصمت كما هي حالة روسيا وحليفيها نظام الأسد وإيران؛ لأن مسؤولية الجريمة تشاركية بين أطراف الحلف الروسي، بما في ذلك "قسد". وبالعادة من يقوم بتنفيذ هذه الاعتداءات في الآونة الأخيرة هو "الطيران الروسي ومدفعية الأسد وقسد وميليشيات إيران"، بدلالة هوية المنطقة التي تعرضت للقصف، مثل "مشفى الشفاء في عفرين، وبلدة إبلين في جبل الزاوية".

أمام إنكار الطرف الروسي المتهم بجريمة مشفى عفرين، فإن نفوذ موسكو عبر "قوات قسد وميليشيا الأسد وإيران" ومحاولة استغلال تلك الأطراف لتنفيذ أجنداتها يجعل أصابع الاتهام موجهة ضدها باعتبارها قوى إجرامية لها سوابق في العدوان على المدنيين وانتهاك حقوق الإنسان وكذلك القانون الدولي الإنساني.

على كال حال، فإن الحلف الذي يعمل تحت قيادة موسكو، هو المسؤول عن الاعتداءات الأخيرة، وبالتحديد الجانب الروسي الذي يتبنى موقفاً علنياً وصريحاً ومعادياً تجاه فصائل المعارضة السورية بكل تياراتها، وهذه الفصائل في كل المناطق عرضة لاستهداف الطيران الروسي لأنها تعارض احتلاله لسوريا ودعمه لنظام الأسد والعبث بوحدة التراب السوري.

إن من المهم القول هنا، إن ما تخلفه النيران المجهولة في صفوف المدنيين من جرائم تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، يجري استغلالها في تصفية الحسابات السياسية، في إطار الصراع الدائر في سوريا.

الرسائل

تمكنت روسيا عمليا من خداع الجميع، فهي ترفع وتيرة التصعيد العسكري من جهة، وتستقبل بحفاوة نائب وزير الخارجية التركية، سادات أونال في موسكو من جهة أخرى، حيث التقى أونال بنائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخائيل بوغدانوف. وفي البيان الختامي، أكد الطرفان الروسي والتركي على "تنفيذ الاتفاقيات الروسية التركية الهادفة إلى الحفاظ على نظام وقف إطلاق النار، ومكافحة الإرهابيين الدوليين المتواجدين في أراضيها والبحث في الاستعدادات للاجتماع الدولي الـ 16 حول سوريا بصيغة أستانا وتبادل الآراء في طرق المساعدة في تنشيط العملية السياسية السورية، بما في ذلك عمل اللجنة الدستورية في جنيف وفق القرار الدولي رقم 2254". إلا أن التصعيد العسكري الجاري يقف خلفه مجموعة عوامل تتصل بصراعات إقليمية ودولية متعددة ومن بينها سوريا. ويمكن إجمالها بالتالي:

ـ مع اقتراب تجديد الآلية الدولية للمساعدات الإنسانية عبر الحدود التي ينتهي موعد العمل بالقرار الحالي في 10 تموز/يوليو المقبل. صعدت موسكو عسكريا للضغط على الأطراف الأخرى كأنقرة وواشنطن بهدف إعادة النظر بحصر المساعدات الإنسانية من خلال نظام الأسد وبالتالي فتح المعابر الداخلية. أو على أقل تقدير الحصول على تنازلات سياسية لصالح نظام الأسد على حساب قضية الشعب السوري.

ـ إعادة أنقرة التذكير بالمنطقة الآمنة في شمال سوريا، عبر الاتصال المرئي للرئيس التركي خلال مشاركته بافتتاح سد عفرين الأعلى. فجاء التصعيد الروسي على شكل رسالة لأنقرة بوجوب التنسيق مع موسكو في كل ما يتعلق بالملف السوري.

خلاصة

وبالتالي تمثِّل تداعيات التصعيد العسكري الجاري في شمال غرب سوريا انعكاسًا للتداعيات السياسية؛ وبالأخص بما يتعلق بقرار تجديد الآلية الدولية للمساعدات الإنسانية عبر الحدود، مما يعني أننا أمام مقايضات سياسية قادمة قد ترسم حدود نفوذ أطراف الصراع بالقوة في مناطق الشمال السوري، غير أن ذلك يعتمد أساسًا على موقف "أنقرة وواشنطن"، وقدرة هذا الثنائي على التماسك ومواجهة تداعيات "النيران المجهولة"؛ سواء من جانب روسيا وحلفها، أو قوات "قسد" التي تختبئ أحياناً تحت عباءة موسكو.

مقالات ذات صلة

"الأسايش" تداهم مواقع في الحسكة وتعتقل مدنيين

صحيفة تتساءل.. لماذا يخشى الغرب من تفكيك مخيم الهول بالحسكة

" قسد"تربط مواقعها العسكرية في مدينة القامشلي عبر شبكة من الأنفاق تمتد تحت منازل المدنيين

دير الزور.. تجدد المظاهرات المناهضة لقسد في دير الزور

أمريكا تدين الدور الروسي في حماية الأسد من المساءلة على أفعاله

6 قتلى و15 جريحا في استعصاء داخل سجن تديره قسد في الرقة