قصة عائلة سورية واجهت أهوال اللجوء برا وبحرا - It's Over 9000!

قصة عائلة سورية واجهت أهوال اللجوء برا وبحرا

بلدي نيوز


بعد أن جلس لساعات في المكان نفسه على متن قارب مكتظ، لم يكن فيه أي مجال لتحريك قدميه، راح مصطفى المصاب في ساقه منذ 2011، يعرج في مشيه، بعدما ساعده رجال الإنقاذ في "منظمة أطباء بلا حدود" للانتقال إلى قارب نجاة. 

 

لحسن الحظ، كان ابنه علي، ذو السبع سنوات، يساعده على الوقوف ويمسكه بقوة، للانتقال من قارب النجاة إلى سطح سفينة جيو بارنتس، في 23 تشرين الثاني الماضي، وسط البحر الأبيض المتوسط. 

 

وحين وصلت كانديدا لوبس، مديرة التواصل الإعلامي على سفينة جيو بارنتس، إلى مصطفى ونجله، لتقديم المساعدة لهما ووضعت بطانية حرارية على أكتافهم، لاحظت أن بعض الكلمات مكتوبة باللغة العربية على ذراع عليّ اليمنى.


 

تنقل لوبس عن مصطفى قوله "كنت أخشى ألا أتمكن من النجاة، فكتبت على ذراع عليّ اسم والدته ووسائل التواصل معها"، على أمل أن يعتني أحد بعلي في حال ما أصابني مكروه"، مشيرا إلى أنها لا تزال في سوريا. 

 

بعد دقائق، وخلال تفقد مصطفى سطح سفينة جيو بارنتس، بحثا عن أبنائه الثلاثة والتأكد من أنهم وصلوا سالمين، قال "عندما رأيت عدد الأشخاص الذين كانوا يستقلون القارب في ليبيا، أدركت أنه مكتظ للغاية. شعرت بخوف كبير، وأردت أن أغادر القارب، صحت في المهربين كي يتركوننا وشأننا. إلا أن الأوان كان قد فات، فالرجل الذي دفعت له لأهرب، صرخ في وجهي وأمرني بالتوقف وهدد بقتل أبنائي بسلاحه"، مضيفا: "لم يكن أمامي أي خيار". 

 

في 16 تشرين الثاني الماضي، أجرى فريق أطباء بلا حدود عملية بحث وإنقاذ صعبة على بعد أقل من 30 ميلاً بحريا من الساحل الليبي. وأنقذ الفريق خلالها 99 ناجيًا، من ضمنهم مصطفى وأبناؤه، قبل نقلهم إلى سفينة جيو بارنتس.

 

 

وروى الناجون، بحسب المنظمة، أنهم استقلوا قاربًا خشبيا مكتظًا بالركاب لمغادرة زوارة، التي تبعد حوالي 100 كيلومتر عن طرابلس على الشاطئ الليبي في وقت متأخر من مساء يوم 15 تشرين الثاني.

 

وبعد كيلومترات قليلة في البحر، بدأ الطقس يتدهور، وارتفعت الأمواج، وتوقف المحرك عن العمل. 

 

يحكي مصطفى، وهو يحتضن ابنه الأصغر علي، كيف أصيب الناس بالذعر، لا سيما أن القارب حمل نساءً وأطفالًا، "تملّكهم الخوف وبدأوا بالبكاء. بدأ الكثيرون بالبكاء والصراخ وباتوا يتحركون على متن القارب بدافع اليأس. لم يكن بوسعي فعل أي أمر، إلا أن أدعو الله أن يبقي أبنائي على قيد الحياة". 

 

انطلق القارب الخشبي من زوارة ليلة 15 تشرين الثاني وكان على متنه 109 أشخاص، من بينهم مصطفى وأبنائه. 

 

وفي وقت مبكر من بعد ظهر اليوم التالي، وصلت سفينة جيو بارنتس إلى القارب الذي يواجه الخطر. 

 

نجحت الفرق في إنقاذ 99 شخصًا، لكنها عثرت أيضًا على جثث عشرة أشخاص تواجدوا على السطح السفلي من القارب، يرجح أنهم توفوا اختناقًا بسبب أبخرة الوقود. 

 

تقول لوبس: "أخبرنا الناجون أن هؤلاء الأشخاص أمضوا أكثر من 13 ساعة على السطح السفلي الضيق"، مشيرة إلى أن "بعض الركاب لم يكونوا على دراية بما كان يحدث لأصدقائهم أو أفراد عائلاتهم في الطابق السفلي، بينما اضطر آخرون للسفر لساعات بجوار جثث المسافرين المتوفين". 

 

وتشير لوبس إلى أن الأهوال التي خاضها هؤلاء المهاجرين من أجل هذه الرحلة العصيبة تكشف عن معاناتهم السابقة. 

 

يقول مصطفى الّذي يجلس على الأرض وهو يعاني من ألم في ساقه، "لا أطمح إلى تحقيق أي أمر في حياتي، كل ما أريده أن يعيش أبنائي حياة كريمة، أريدهم أن يعيشوا بأمان وأن يحصلوا على تعليم جيد".

 

وضع مصطفى مثبت حديدي داخلي في ساقه اليمنى، وبات لا يمكنه المشي من دون أن يعرج. ويقول إنه يعاني من الألم منذ العام 2011، إذ أصيبت ساقه بصورة بالغة في سوريا، واضطر الأطباء إلى تركيب مثبت. 

 

ويقول، مشيرا إلى ندبة ما زالت ظاهرة على رأسه بعد فترة طويلة، "وجدني رجال مسلحون، بينما كنت في متجري. أقفلوا الباب، وأبرحوني ضربًا بأعقاب بنادقهم وبكل الأدوات المتاحة. فقدت وعيي، فظنوا أنني مت. وبعد بضع ساعات، استيقظت بشارعٍ فارغ خلف مبانٍ مهجورة وكنت مغطًى بدمي ورجلي مكسورة". 

 

ينحدر مصطفى من مدينة ببيلا، التي تقع في إحدى ضواحي دمشق الجنوبية. 

 

حوصرت المدينة لمدة أربع سنوات مع بداية النزاع في سوريا عام 2011. وعندما رُفع الحصار في عام 2015، قرر مصطفى الفرار من الحرب مع أبنائه الثلاثة. كان علي يبلغ من العمر سنة واحدة آنذاك. 

 

قطعت العائلة رحلة طويلة وصعبة، فقضت قرابة شهر في السودان قبل أن تنتقل إلى مصر، حيث عانت ظروفا معيشية صعبة. 

 

وفي أيلول 2021، وجد مصطفى نفسه عاطلًا عن العمل يحمل جوازات سفر منتهية الصلاحية، فاتخذ قرار صعبًا بالذهاب إلى ليبيا لمحاولة العبور بالبحر الأبيض المتوسط. 

 

أراد مصطفى أن يمنح أبناءه فرصة الالتحاق بالمدرسة على الأقل.

فعبرت العائلة الحدود من مصر إلى ليبيا؛ ثم مروا عبر بنغازي وطرابلس، ثم إلى صبراتة وزوارة للعثور على القارب الذي أنقذته سفينة جيو بارنتس.

 

تفكر لوبس في الأحداث التي مر بها علي قائلة، "لا أفهم طفل مثل علي، بابتسامته الرقيقة ولطفه البالغ، أن يمضي حياته كلها بالفرار، كما لا يسعني أن أستوعب أنّ أبًا محبًا كمصطفى لم يجد أمامه أي خيار إلا أن يخاطر بحياة أبنائه ويعبر البحر الأبيض المتوسط على متن قارب بحثًا عن فرصةٍ لتعليمهم".

وتقول لوبس: "إن الواقع الّذي يعيشه الأشخاص بمحاذاة الحدود الأوروبية مشين بالفعل، إذ أن سياسات الهجرة غير المسؤولة والمتهورة تدفع بأشخاصٍ مثل مصطفى وعائلته للمخاطرة بحياتهم". 

وفي عام 2021، بلغ عدد المتوفين والمفقودين حوالي 1,303 أشخاص من بينهم أطفال بسبب محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط في رحلة خطيرة.

وبلغ عدد الأشخاص الّذين لقوا حتفهم أو فُقدوا حوالي 22,825 شخصًا منذ عام 2014، بحسب المنظمة. 

 المصدر: الحرة

مقالات ذات صلة

مظلوم عبدي: نتعرض لهجوم من ثلاث جهات

اجتماع بين المبعوثة الفرنسية إلى سوريا ومسؤولة أممية بشأن المساعدات الإنسانية

بم صرح رئيس اتحاد نقابات حقوق العمال التركي بشأن العمال السوريين؟

ماذا جاء في البيان المشترك للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؟

جيمس جيفري يقيّم الوضع في سوريا ويتحدث عن الوجود الامريكي

إحالة رفعت الأسد للقضاء السويسري بتهمة ارتكاب جرائم حرب