ما سيناريوهات الحراك العشائري العربي في ديرالزور؟ - It's Over 9000!

ما سيناريوهات الحراك العشائري العربي في ديرالزور؟


بلدي نيوز - (فراس عزالدين)

رغم أنّ النزاع المسلح في دير الزور بين "العشائر العربية" من طرف، وقوات "قسد" من جهة أخرى، تبدو ضبابية المعالم، إﻻ أن معالم ودوافع الصراع تحمل بين طياتها، مقدمات لنهاية السيناريو، وفق المعطيات على اﻷرض التي أدت إلى اﻻشتباك.

هشاشة "قسد"

الراجح والمهم ملاحظته، خلال المعارك التي دارت منذ  27 آب /أغسطس الفائت، أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" بناء عسكري "هش" رغم "التزيين" الذي تصدّع مع أول الرصاصات اتجاهه، وهذا يرجع لعدم "التجانس الفكري" بين مكوناته.

ويمكن اعتباره كيان اضطراري نشأ على أرضية متناقضة، وبالتالي فإن احتمالية تفكك التحالفات بداخله أقوى من تماسكها لوجود خلفيات "قومية" مهيمنة على الطرفين المتشاكسين داخل الكيان "العربي العشائري" و"الكردي غير المتجانس". 

أسباب تراكمية

ويبدو، وفق مراقبين، أن الحراك المسلح في دير الزور، يمثل انتفاضة "القبائل العربية" لمواجهة غطرسة بعض القيادات الكردية غير السورية، مرجعه القريب، أسباب تراكمية أهمها عدم رغبة القبائل أن تحكمهم "قوات كردية" غير سورية، والسبب البعيد تاريخي، موجود لدى طرفي النزاع خاصة أن للمكوّن الكردي مشروعه الخاص وأحلام إقامة دولة "قومية"، على حساب "العرب"، بالتالي أس الصراع نزاع "قومي" بطابع "السيطرة وفرض النفوذ"، أقرب ما يكون إلى "الصراعات التاريخية والحروب التقليدية على الثروات والمناطق"، دون أن ننكر وجود تيارات "ثورية" وأخرى ذات توجهات مختلفة لدى العشائر العربية، وهو اﻷمر الذي يعطي "الضبابية" حول هذا الملف، لكن يمكن القول بأن القبائل اجتمعت اليوم على موقف واحد معاد بقسد.

عفوية الحراك

بناء على ما سبق، ومن خلال ملاحظة عدم ظهور بيانات تتبنى موقف واضح من طرف العشائر، وبمتابعة مقدمات الاشتباك، يعتقد محللون أن حراك القبائل كان عفويا، ومدفوعا بمظالم مسبقة لـ"قسد".

الموقف اﻷمريكي

ومن الطبيعي أيضا أن نلمس البصمة اﻷمريكية، فهي اللاعب الرئيس في المنطقة الغنية بالثروات والمحرك من خلف الكواليس لما يجري، وبصيغة أخرى "القناص" الذي ينتظر فريسته للاستثمار بها، وبالتالي "تشغيلها" لصالحه وهو ما ظهر اليوم، حيث تحاول الوﻻيات المتحدة تهدئة الوضع بالاجتماع وتقديم الوعود لاعتقادها أن هذه البلبلة ستكون فرصة لتنظيم داعش لإعادة الظهور في هذه المناطق. 

للمزيد اقرأ:

التحالف الدولي يدعو لوقف أعمال العنف في دير الزور لضمان عدم عودة "التنظيم"

ميدانيا؛ القيادة العسكرية اﻷمريكية في المنطقة، استشعرت هشاشة "قسد"، الذي عرته "العشائر العربية"، بالتالي؛ ستحاول إعادة هيكلة الطرفين، إمّا في جسد واحد، بصلاحيات مختلفة، أو إعطاء فرصة للعشائر ﻹدارة مناطقها التي سيتم السيطرة عليها والتوقف عندها، لكن تحت إشراف اﻹدارة اﻷمريكية، وهو السيناريو الراجح مؤقتا؛ ويعززه اتساع الشرخ بين "قسد والعشائر العربية" الذي يستحيل إصلاحه وجسر الهوة ﻷسباب كما أسلفنا تاريخية وأخرى تتعلق بالنزاع على النفوذ بين الطرفين.

من خلف الحراك؟

بالمتابعة؛ انقسمت آراء المحللين، الذين أجعوا على أن واشنطن، تراقب باهتمام ما يجري في دير الزور، ولديها حساسية وعدم رغبة بإحداث أي تغيير "شرق الفرات"، وترى إحدى وجهات النظر أن الوﻻيات المتحدة، هي التي حرّكت القبائل، وأوعزت لبدء عمل عسكري على الحدود العراقية، في حين تختلف معها وجهة نظر أخرى، تعتقد أن "إيران" هي المحرك للقبائل، تحت مسمى "نصرة أبو خولة قائد المجلس العسكري" الذي تتهمه "قسد" بالتعامل مع ايران، ويستند هذا الرأي إلى ما يتم الحديث عنه من رغبة طهران بخلط أوراق أمريكا كرد على عملية عسكرية أمريكية متوقعة ضدها.

لكن بناء على ما أسلفنا؛ فالحراك في مقدماته عفوي، تطور، لكن ﻻ يمكن حتى تاريخه الجزم، بوجود أصابع خلفية خفية تحت الستار، كما أنه ﻻ يمكن إنكار وجود خيوط من وراء المشهد. 

ويرجح محللون أن التباطؤ اﻷمريكي، متعمد في حسم الملف والخلاف، وهذا مرجعه إلى رغبة الوﻻيات المتحدة بالضغط على قوات "قسد".

ودون شك أمريكا ليست بالمتفرج في الصراعات الكبرى، خاصة في المنطقة الغنية بالنفط، والثروات، وهي اليوم منزعجة من "قسد" لعدم وجود موقف واضح لها من إيران أو النظام السوري، وطبعا لعدم قبولها ببعض التوصيات الأمريكية المتعلقة بـ"تركيا"، وفق مراقبين.

حصان طروادة

إيران موجودة هي اﻷخرى وحاضرة في المشهد فهي المعني اﻷول، بمآلات الحراك العشائري.

وستحاول طهران، تحريك العشائر التي تواليها كـ"حصان طروادة" لتحقيق خرق لمصلحتها شرق الفرات، بهدف السيطرة على محافظة دير الزور، بهدف استكمال مشروعها المسمى "المقاومة الشعبية ضد الأمريكان".

نظام اﻷسد يستثمر

وبدا واضحا في اﻷيام اﻷولى أن النظام السوري عبر إعلامه تبنى الصراع، وحاول تجييره لصالحه، وهي دعاية مخالفة حتى اليوم لطبيعة اﻻشتباك، لكن يمكن قراءة موقف النظام منها على أنها رافع معنوي للحاضنة الداخلية، خاصة لتزامنه مع انتفاضة "محافظة السويداء"، فهو استثمار دعائي بحت لا وزن له على اﻷرض.

البصمة الروسية

موسكو بداية لم تكن معنية بالصراع، لكنها سرعان ما اتخذت قرار المشاركة بعد دخول اليوم الخامس، من المواجهات واستجابة أبناء العشائر في مناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا، ومهاجمتهم نقاط مشتركة بين "قسد" والنظام، والسيطرة على قرية المحسنلي في ريف منبج الشمالي.

ليقوم الطيران الروسي على الفور بتوجيه ضربات جوية، يمكن قراءتها بأنها رسالة لمنع استغلال النزاع وتغيير خطوط اﻻشتباك، خاصة مع وجود قواعد عسكرية روسية.

ومن الطبيعي، أن يقرأ هذا اﻷمر على أنه إحراج رسمي للنظام وموسكو التي زعمت دعم الحراك العشائري، كما أسلفنا وحاولت استثماره دعائيا.

السيناريوهات المحتملة

وبالعودة إلى المقدمة التي افتتحنا بها التقرير، فالضبابية في المشهد، تحتم القول، بأنه من المبكر الحديث عن مآلات ما يحدث في محافظة دير الزور، إﻻ أنّ اﻷكيد وجود تحرك لجميع اﻷطراف الخارجية (إيران) من جهة و(أمريكا)، ﻻستغلال الموقف وتجييره لصالحها.

ومنعاً للإسهاب واﻹطالة، يعتقد مراقبون أن هناك سيناريوهان محتملان، امتصاص الصدمة العسكرية من طرف "قسد" وإعادة اﻹغارة على العشائر، والسيناريو الثاني؛ الوصول إلى تسوية بين الطرفين، والراجح أن تصبح مناطق ريف دير الزور ذات المكون العشائري العربي تحت سيطرة قوات العشائر، وهذا ما تشير إليه معطيات المعارك خلال الأيام الماضية، عدا القواعد الأمريكية.

استثمار المعارضة للحراك

ومن المهم بمكان اﻹشارة إلى أن ما يجري في محافظة دير الزور، يعدّ فرصة مواتية للمعارضة السورية، لوصل منطقة دير الزور بالشمال السوري، وفق مراقبين، وبالتالي؛ تشكيل مجلس عشائري بجسد واحد يجمع القبائل، ويتصل عضويا ومعنويا بالمعارضة يعطي الحراك الثوري السوري ضد النظام، قوة إقليمية محلية، يقلب الطاولة على النظام، ويفوت الفرصة على المتربصين.


خلفيات الصراع القريبة بين العشائر و"قسد"

تاريخيا، وتحديدا عام 2017 سيطرت "قسد" مدعومة بالتحالف الدولي على محافظة دير الزور، على حساب تنظيم "داعش".

وقبل أسبوع تقريبا من اليوم، طلبت "قسد" من قيادة مجلس دير الزور العسكري الحضور لاجتماع في الحسكة، وتم اعتقال الوفد، بتهمة التخابر مع إيران، يقدر عددهم بـ20 شخصا مع مرافقتهم، بينهم القيادي أحمد حامد الخبيل المعروف باسم "أبي خولة". 

رد أقرباء من تم اعتقالهم، بالتحرك ضد "قسد"، تبعهم باقي القبائل العربية الكبرى في قرى دير الزور.

يشار إلى أن قبيلتي البكارة والعكيدات التي ينتمي لها "أبو خولة" من أكبر قبائل دير الزور، وقيادات هاتين القبيلتين تسيطران على القرار في المحافظة، التي تضم عشرات القرى شرق وغرب النهر، إلى جانب مدينة دير الزور، المقسومة بالنهر الى شامية غرب النهر مع المليشيات الإيرانية وأفرع من القبائل العربية المسيطر عليها وهي موالية ﻹيران، والجزيرة شرق النهر التي تسيطر عليها قوات "قسد".

ونشير هنا، إلى معاناة أهالي ديرالزور، من الفساد المتفشي لدى بعض قيادات المجلس المعتقلة وعلى رأسهم "أبو خولة"، وفق بعض الصفحات اﻹعلامية.

وتشير الكثير من التقارير والشهود، أن الظلم والتهميش الممنهج الذي تعانيه محافظة دير الزور، وخاصة المكوّن العربي، الذي تمارسه قيادات "قسد" منذ سيطرتها كان الجمر المشتعل تحت الرماد ﻹشعال الحراك.

مقالات ذات صلة

أهالي بلدة الجرذي شرقي ديرالزور يطلقون مبادرة محلية، فما هي ؟

روسيا تتهم أمريكا بخرق بروتوكول منع الاشتباك بالأجواء السورية

بعد تعزيزات النظام في السويداء.. أمريكا وأوربا تحذران من التصعيد العسكري

"أطباء بلا حدود" تطلق تخذيرا بعد ارتفاع الوفيات بمخيمات شمال شرق سوريا

خسائر لقسد بهجوم شرق دير الزور

ناشطون وأكادمين يعلنون الانضمام لوثيقة المناطق الثلاث