سراقب تعلن نفسها أمّاً لألف شهيد - It's Over 9000!

سراقب تعلن نفسها أمّاً لألف شهيد

بلدي نيوز – (نور مارتيني)

محطات كثيرة مرت بها مدينة سراقب، الواقعة في محافظة إدلب، إلى أن حظيت بلقب مدينة الألف شهيد، محطات بدأتها المدينة بحراك مدنيّ متميز، قاده نخبة شبابها، ممن كان لهم تاريخهم في مقاومة النظام.
فمع انطلاق الثورة السورية، في شهر آذار من عام 2011، كانت مدينة سراقب من أولى المدن السورية التي تصدّت للحراك الثوري، بشكله المدني، فكان مبدعوها ومثقفوها في طليعة هذا الحراك، وكرّسوا الفنون والآداب لرفد هذا الحراك، لتبرز بعدها ظاهرة حيطان "سراقب" ، وهي من أولى المظاهر التي عملت على مكافحة قبح الحرب، واستبدالها بحالات جمالية لمحو آثارها.
تكمن أهمية الحراك بسراقب في نقطتين: الأولى هي الموقع الجغرافي، فهي العقدة الطرقية التي تتوسط ثلاث محافظات، وبالتالي، فإن قدرها أن تتلقى الضربات من كلّ حدب وصوب، دون أن يكون لها خيار الاحتماء بأحد، والثاني هو أن الفصائل المتشدّدة لم تستطع أن تخترق الحراك الثوري في المدينة، فحافظت على "وسطيتها" واعتدالها، ولا أدلّ على ذلك من مشاركة فصيل "جبهة ثوار سراقب" في دحر تنظيم "الدولة" من المدينة، في مطلع عام 2014.

حول الضريبة الكبيرة التي دفعتها مدينة سراقب، ثمناً للحرية، يقول القيادي في حركة أحرار الشام، "مازن أبو نوران "، وهو من أبناء سراقب: "مما لا شك فيه أنّه كان لسراقب، هذه المدينة الوادعة، السبق الثوري منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان لشبابها ومثقفيها الفضل في وضع اللبنة الأولى في الانتفاضة والثورة"، لافتاً إلى أنه "في ذلك الوقت وعندما انطلقت الثورة السورية المباركة، في بداية عام 2011، كانت سراقب سباقة في المظاهرات المطالبة والمنادية بالحرية، ونتيجة لكل ممارسات النظام الفاجر من اعتقالات متكررة بحقّ الشباب الثائر، تحولت مطالبها لإسقاط النظام بكافة رموزه".

يؤكّد القيادي في حركة أحرار الشام أنه "لم يبقَ تيار فكري في هذه المدينة، إلا انتفض يقدّم الغالي والنفيس في سبيل تحقيق الحرية؛ الحرية بمعناها الراقي الذي لا يستطيع الإنسان أن يعيش ويستمر في حياته بدونها، لأن فقدها يعني العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، والتي تعني المذلة والهوان"، ويبيّن أنه من أجل كلّ تلك الأسباب "كانت الصرخة الأولى لنا هي الموت ولا المذلة".

في السياق ذاته، يشدّد "أبو نوران" على أنّ "هذه الحرية قد سلبها النظام من هذا الشعب منذ عشرات السنين، لذلك لن يبخل أحد في تقديم التضحيات لنيلها، رغم أنف الطغاة"، ويختم بالقول إن الضريبة مرتفعة ولكن "مهما ارتفعت، فلن نحيد ولن نقيل، وإن هذه الدماء ستكون هي النورالذي يضيء لأجيالنا القادمة، للعيش بكرامة، وعزة، وحرية حقيقة، ولن نبخل بمزيد من الدماء لتحقيق الهدف، وإعلاء راية الحق، والدين، والعدل، والحرية، والمساواة".

من جهته، يوضح "أسامة الحسين" وهو أحد الأعضاء السابقين في المجلس المحلي لمدينة سراقب، السبب في ارتفاع عدد الشهداء في المدينة: "لقد انتفضت سراقب ضد النظام، بكل أطيافها منذ البدايات، وكانت من أولى المدن التي استهدفت بالطيران، منذ عام 2013، حيث كانت عبارات (مروحي معامل الدفاع ، مروحي 115، مروحي براميل..باتجاه سراقب) هي العبارات التي يسمعها الأهالي بشكل يومي، لقد كانت الحملة ضد سراقب شرسة جداً، ومنذ البداية".
ويؤكّد "الحسين" أن "السلاح الكيماوي استخدم لأول مرة في سراقب، حيث ألقي غاز الكلور على المدينة في شهر أيار عام 2013، واستشهدت على إثر الضربة سيدة تدعى مريم الخطيب، ولكن أحداً لم يعر اهتماماً للحادثة".

وحول دور المجلس المحلي للمدينة، في رعاية عائلات الشهداء الألف، يوضح العضو السابق في المجلس المحلي: "كان هنالك أكثر من محاولة لمساعدتهم عن طريق تأمين بطاقات صحية لأسر الشهداء، وذلك قبل ظهور المجالس المحلية، والمنظمات الإغاثية، فكانت أسر الشهداء تتلقى العلاج والأدوية مجاناً بموجب هذه البطاقة".

ويبين "الحسين" أن بعض المنظمات عملت على تأمين مشاريع صغيرة لأسر هؤلاء الشهداء بمبالغ تتراوح بين 1500-2000 دولار كرأسمال للبدء في هذه المشاريع.

السيدة "نور الهدى"، مديرة مكتب سراقب في منظمة "نساء من أجل السلام" التي قامت بتأمين تمويل لعدّة مشاريع صغيرة لأرامل الشهداء، تقول: "معظم المشاريع الصغيرة التي تديرها أرامل الشهداء هي مشاريع مهنية، كالخياطة، والحلاقة النسائية، والتطريز، إضافة إلى الطبخ والزراعة"، وتوضح أن "مردود العمل ليس كافياً على الإطلاق بسبب الغلاء الفاحش، ولأن المردود المالي عادة ما يكون بالليرة السورية، بينما معظم المصاريف تكون بالدولار، بالإضافة إلى حالات النزوح التي تجبرهن على التوقف عن العمل، وتزيد المصاريف أحياناً للضعف، بسبب الإيجارات والتنقلات، وتعرض البعض للإصابة ودمارالبيوت".

ما زالت سراقب على عهدها في تقديم الشهداء، وهي السباقة لاستضافة النازحين والمهجّرين من كل المحافظات، فقد كان للمدينة وريفها حصتهم أيضاً في استقبال أبناء تدمر والرقة، ممن هجّرتهم "داعش" بحكم الامتداد الجغرافي لها باتجاه البادية السورية، وما زال الموت يحصد خيرة أبنائها يومياً.. لتقدّمهم قرابيناً لسورية الحرّة.

مقالات ذات صلة

النظام يفرق بين الأقارب مستغلاً عامل الخوف من الاعتقال

الطائرات المسيرة خطر يلاحق سكان شمال غربي سوريا

هزة أرضية تقدر ب4.4 ريختر شعر بها سكان حلب وإدلب واللاذقية

جامعة سورية تتقدم عشرة مراكز في التصنيف الحالي لموقع “ويبوميتريكس” (Webometrics) الإسباني

إصابة طفلين بقصف النظام أثناء جني محصول الفطر شمال شرقي إدلب

لماذا ينشط سوق المستعمل في الشمال السوري؟