التدخل التركي يغيّر واقع "الدولة" وأحلام "روج آفا" - It's Over 9000!

التدخل التركي يغيّر واقع "الدولة" وأحلام "روج آفا"

بلدي نيوز – (نور مارتيني)

يبدو المشهد العام في الجزيرة السورية وحوض الفرات غائماً حتى اللحظة، غير أن ملامح هذا المشهد بدأت تتوضح بعض الشيء، إبّان انعقاد قمة الدول العشرين في الصين، قبل بضعة أيام، وما رافقها من لقاءات لكبار زعماء العالم، خاصة مع حضور رؤساء كل من تركيا، وأمريكا، وروسيا، وهي الدول التي تملك اليوم مفاتيح الحلّ في سوريا.
تَبِعَ قمة العشرين، العمل على مبادرات سياسية، بدأت بتصريحات ديمستورا حول قرب التوصل إلى حل سياسي، ومن بعدهامسودة الاتفاق الروسي- الأمريكي، والتي ردّت عليها الهيئة العليا للمفاوضات بوثيقة، تتناسب مع الحلّ السياسي، وفق رؤيتها الخاصة.
غير أنّ المفاجأة الكبرى جاءت، إثر إعلان تركيا عن ترحيبها بالعرض الأمريكي للمشاركة في عملية عسكرية، لطرد تنظيم "الدولة"من مدينة الرقة، وهو ما تمّ الإعلان عنه في قمة العشرين.
ويأتي هذا التصريح غداة تمكّن فصائل الجيش الحر، بمشاركة الجيش التركي من دحر تنظيم "الدولة" بعيداً عن مدينة جرابلس ومحيطها، بعد ثلاث سنوات من سيطرته عليها.

ومع أن تصريحات المسؤولين الأتراك، كانت مطمئنة للجانب الروسي، من حيث الإعلان عن حرصهم على وحدة الأراضي السورية، وهو ما يروق لروسيا، ويطمئنها عن مستقبل مصالحها في سوريا، إلا أنّ العرض الأمريكي الأخير جاء ليقلب الطاولة على المسؤولين الروس، خاصة وأن تركيا تشكّل "بيضة القبان" في المعادلة السورية، فهي الوحيدة التي تمتلك الامتداد الجغرافي، وبالتالي هي من ستحسم النتيجة لصالح أمريكا أو روسيا. عقب هذه التطورات، بدأت التصريحات الروسية تتصاعد حول "عدم شرعية" عملية "درع الفرات" لأنها لم تحصل على مباركة النظام السوري، بينما كانت قبل قرابة الأسبوع تقتصر على "عدم الرضا" للسبب ذاته، في لهجة تصعيدية واضحة.
حول رؤيته للتعاون التركي- الأمريكي المقترح، ودواعيه، يقول الصحفي السوري "حسين جلبي": " تبدو الإدارة الأمريكية في تحضيرها لمعركة الرقة، مثل شركة مقاولات دخلت في مناقصة لطلب أسعار انتظاراً لمن يقدم لها الأفضل، ويحفظ لها مصالحها بأقل الخسائر الممكنة".

ويوضح "جلبي" أنّ قيام الإدارة الأمريكية بمنح تركيا ـ دون غيرها حتى الآن كما يظهر ـ شرف توجيه الضربة القاصمة لداعش في معقلها بالرقة، يأتي بعد أن "استنزفت تلك الإدارة تركيا سياسياً وأمنياً في لعبة حافة الهاوية التي سارت بها عليها"، ويرى أن أهمّ مظاهر الاستنزاف هي: "كف يد الحكومة التركية حتى عن التدخل الكلامي في سوريا، خاصة بعد إسقاط الطائرة الروسية، وصولاً إلى محاولة الانقلاب الفاشلة في البلاد، وهو ما أدى إلى خلق أزمات داخلية تركية باتت بحاجة إلى التصدير، كما كان المظهر الآخر هو إعطاء المجال واسعاً لقوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي للتمدد في الجوار التركي، وعلى طول الحدود التركية السورية مع ترك القائمين على تلك الوحدات للتفنن في إطلاق تصريحات التحدي لها"، لافتاً إلى أنّها جاءت "بعد طول رفض لكل اقتراح تركي بإقامة مناطق آمنة، وتكسير لخطوطها الحمراء"، ويبيّن أن السياسة الأمريكية جاءت "لتمكين تركيا المتعطشة إلى تقدم ما في سوريا، تشارك وهي تراقب جميع الذين يعملون على ممارسة لعبة الحفاظ على مصالحهم"، والاطمئنان إلى كونها باتت "مستعدة تماماً للذهاب إلى ما بعد الرقة، وصولاً إلى قتال داعش في الموصل العراقية من أجل إيجاد موطئ قدم لها في الإقليم وتحجيم، إن لم يكن القضاء على الأخطار التي تهدد أمنها".

وبحسب "جلبي" فإنّ "ما يرجح كفة تركيا في موضوع محاربة داعش في الرقة، هو "إمكانية تدخلها برياً على عكس روسيا التي يقتصر تدخلها العسكري على عمليات القصف الجوي، وبالتالي حسم المعركة مبكراً"، و"وجود حاضنة اجتماعية في المنطقة مستعدة للقبول بالتدخل التركي، بعد اكتساب الصراع في سوريا للطابع المذهبي من جهة، وافتقاد التدخل التركي المفترض للحساسيات القومية، الذي أثارته عمليات قوات سوريا الديمقراطية من جهة أُخرى"، بالإضافة إلى أن "الصراع في سوريا قد جعل لمختلف الأطراف اختصاصاً محدداً لم يعد الخروج عليه مقبولاً، بحيث يصعب معه تصور قيام روسيا، التي تعين نظام الأسد في ضرب المعارضة المسلحة المعتدلة، والذي يغض الطرف عن تنظيم داعش، محاربة لذلك التنظيم".

في سياق منفصل، يرى المعارض السوري "بسام يوسف"، عضو الائتلاف السوري المعارض، سابقاً، وفيما يخصّ موضوع التعاون الأمريكي- التركي، أنّ "تركيا وافقت على إقليم كردي بشروط خاصة، واتفقت مع أمريكا وروسيا على أن تنتهي حدود هذا الاقليم بنهر الفرات غرباً. ولذلك تدخلت تركيا ضد القوات الكردية غرب الفرات، وهي لن تسمح لهم بعبور الفرات غربا. بعكس كل ما يقال ويصرح به المسؤولون الأتراك والروس"، ويتابع: "أرى أن التدخل التركي هو بداية تكريس الانقسام في سوريا عبر سياسة الأمر الواقع، والتدخل التركي جاء ليحمي المنطقة التي ترى تركيا أنها منطقة نفوذها والتي تبدأ شمالاً من الحدود التركية السورية ما بين الفرات شرقا ولواء اسكندرون غرباً، ثم بعمق لم يتم تحديده حتى الآن وربما ينتظرون نهاية معركة حلب لرسم حدوده".

يبقى السوريون اللاعب الأضعف، على أرضهم، ما دامت سوريا مسرحاً للصراعات الإقليمية والدولية، وما دام القرارالسوري رهناً بالمصالح الدولية، من جهة، والنظام ومرتزقته الذين لا يكترثون للدم السوريّ الذي يراق في كلّ مكان، من جهة أخرى.

مقالات ذات صلة

كبير الجمهوريين بمجلس الشيوخ الأمريكي يطالب إدارة بايدن بكبح جماح التواصل العربي مع نظام الأسد

وزير الدفاع التركي يحدد شروط بلاده لقبول الحوار مع نظام الأسد

سياحة النظام تعلن إمكانية حصول السياح على فيزا إلكترونية وتحدد شروطها

روسيا تتهم أمريكا بخرق بروتوكول منع الاشتباك بالأجواء السورية

سوريا في المرتبة 179 من أصل 180 دولة على سلم حرية الصحافة حول العالم

"تجمع أحرار جبل العرب": معركتنا مع النظام نكون أو لا نكون ومستعدون للمواجهة