بلدي نيوز – (منى علي)
قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اليوم الجمعة، إن لبنان لن يتعامل مع أي جهة بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم باستثناء الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. في الوقت الذي صرحت فيه المعارضة السورية من جنيف، اليوم، أن عودة اللاجئين غير ممكنة إلا بعد التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وتغض المعارضة السورية، السياسية والعسكرية، الطرف ولا تعلق على خطة النظام وحلفائه القاضية بالضغط على اللاجئين والنازحين للعودة إلى "حضن الوطن"، على خطورة ما يترتب على ذلك من تسويق إعلامي يستغله النظام في الأروقة السياسية والإعلامية الدولية.
فخلال أقل من أسبوع، شهدت سوريا عودة أكثر من 500 نازح من مخيمات ريف حلب الشمالي إلى حي الوعر القابع تحت سيطرة قوات النظام بحمص، وعودة بعض العائلات من مخيمات عرسال إلى بلدة "عسال الورد" في القلمون بريف دمشق.
وقال ناشط محلي من "عسال الورد" لبلدي نيوز في حديث سابق، إن "حزب الله" وآلته الإعلامية حاولوا تضخيم أعداد العائدين من عرسال إلى القلمون، فهم لا يتجاوزون 45 شخصاً، فيما قال إعلام الحزب إنهم 300 شخص. أجبروا على العودة نتيجة الظروف اللاهبة التي فرضها "الجيش اللبناني" على المخيمات، وتهديدات "حسن نصر الله" منذ يومين، بشن مزيد من الهجمات على مخيمات اللاجئين بحجة وجود "إرهابيين".
وفيما لم تتخذ المعارضة أية إجراءات ملموسة للتصدي للظاهرة، أو أنها أضحت عاجزة بالفعل عن مساندة هؤلاء، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنها لا تشارك في الاتفاق، وذكرت متحدثة باسم المفوضية أنها لا تشجع على عودة اللاجئين بأعداد كبيرة إلى بلد ما زال يعاني من الصراع.
وقبل عودة لاجئي عرسال، أول أمس الأربعاء، عاد 511 نازحاً من مخيمات ريف حلب الشمالي إلى حي الوعر بحمص الذي هُجروا منه وفق "مصالحة" مع نظام الأسد، وأوضح العائدون أن ظروف الحياة في تلك المخيمات أشبه بالجحيم، واختلفت آراء الشارع الثوري في موقفهم بين متهم إياهم بخيانة الثورة ومتعاطف معهم، إلا أن اللافت كان إحجام إدارة المخيم والمجالس المحلية في المنطقة عن الإدلاء بأي تصريح أو توضيح، ما يلقي باللائمة عليهم.
الكاتب الصحفي السوري، غازي دحمان، قال إن ملف اللاجئين أحد الملفات المهمة في هذه المرحلة والتي يراد توظيفها لخدمة جملة من الأهداف، لخصها في حديث لبلدي نيوز، بالتالي:
أولاً: يسعى نظام الأسد إلى إثبات أن حربه على هذه المناطق كانت بهدف إخراج المتطرفين منها وأنه بعد أن أنجز المهمة ها هو يدعو السكان للرجوع لها.
ثانياً: يريد النظام حل هذه المسائل على طريقة المصالحات المحلية وعدم فتح ملفات تحقيق دولية حتى لا يتم كشف حجم الجرائم المرتكبة في سورية أو عمليات التغيير الديمغرافي التي حصلت في مناطق حمص والقلمون ودمشق.
ثالثاً: يريد "حزب الله" مسح سجله من الجرائم التي ارتكبها في سورية وإبعاد منطقة القلمون عن أي ترتيبات دولية قد تحصل، سواء لجهة إقامة منطقة آمنة أو إنتشار قوات محايدة فيها تتبع للأمم المتحدة، ويقدّر "حزب الله" أن إجبار جزء من النازحين على العودة سيظهر وكأنه نهاية للمشكلة وعدم تسليط الضوء دولياً على هذه المنطقة، وبالتالي يضمن بقاءه في القلمون متحكماً بمفاصل المنطقة.
رابعاً: يعرف "حزب الله" ونظام الأسد أن الغالبية لن تعود في ظل هذه الظروف وأن عمليات التغيير الديمغرافي التي أجروها في تلك المناطق لن تتأثر، وأن من يعود سيكون خاضعا ومستكينا ولن تتشكل من هؤلاء المكسورين بيئة لمقاومة النظام و"حزب الله".
خامساً: يريد "حزب الله" تحقيق كسب مزدوج عبر تكريسه السيطرة على القلمون وأن يثبت للبنانيين أنه حماهم من الإرهاب وخلصهم من اللاجئين السوريين بنفس الوقت.
سادساً: على وفد المعارض أن يطرح مشكلة اللاجئين في لبنان والوضع الصعب لحمص والقلمون ويطالب بوجود قوة دولية محايدة في هذه المناطق لمواجهة جرائم "حزب الله" وشبيحة الأسد وميليشيات إيران، فهذه المناطق هي الأولى بأن تتحول إلى مناطق آمنة تحت مظلة وإشراف الأمم المتحدة لأنها أخطر مناطق الصراع في سورية، بما أنها مناطق تماس طائفي.
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي يحرص أن يُسمى "الممثل الشرعي الوحيد" للثورة السورية، والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه، والتي تعمل من الداخل السوري، لم يُبديا أي رد فعل أو يتخذا إجراءات لتحسين ظروف النازحين داخلياً واللاجئين في الخارج، تاركين الساحة للنظام وحلفائه، علماً أن العودة إلى "حضن الوطن" ليست خياراً بالمطلق لأي نازح أو لاجئ، ولا أدل على ذلك من تسابق السوريين الذين قضوا إجازة العيد في بلادهم على تسريع موعد عودتهم إلى تركيا، حتى دون انتظار الموعد الرسمي المحدد لعودتهم!.