ما مستقبل فصائل الثورة بعد محاصرتها باتفاقات "خفض التصعيد"؟ - It's Over 9000!

ما مستقبل فصائل الثورة بعد محاصرتها باتفاقات "خفض التصعيد"؟

بلدي نيوز - (غيث الأحمد)
تقلص دور فصائل المعارضة السورية في المرحلة الأخيرة، وتحديداً منذ اتفاق خفض التصعيد الأول الذي تم التوقيع عليه في العاصمة الكازخية أستانا، وضم أربع مناطق في البداية، ويمنع كافة الأطراف السورية من الاقتتال والتوجه لمحاربة "الإرهاب" المتمثل بتنظيمي "الدولة" و"جبهة النصرة"، ومن ثم لحقه اتفاق الجنوب الذي وقع عليه في الأردن بعد تفاهم بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وفي الختام جاء اتفاق الغوطة الشرقية إثر تفاهم مبهم الأطراف.
كل ذلك حدث بالتزامن مع تمكن قوات النظام بالتعاون مع الميليشيات الإيرانية من كسب معظم الجبهات مع تنظيم "الدولة" في البادية السورية، مبددة آمال قوات المعارضة السورية بالدخول إلى محافظة دير الزور وطرد التنظيم المتشدد منها.
دور محدود
واعتبر الباحث الأمريكي في الشأن السوري والزميل في مؤسسة "سانتشوري" سام هيلر، أن دور فصائل المعارضة السورية محدود للغاية في الفترة القادمة، وقال في تصريح خاص لبلدي نيوز إنه "لا يرى دوراً للفصائل بحد ذاتها بقدر ما يرى أن كل منطقة تحت سيطرة المعارضة -بما فيها فصائلها- مسارها ومصيرها يختلف عن غيرها، وتحكمها ظروف خاصة"، وأضاف أن "الدور العسكري والسياسي تقلص لفصائل المعارضة" بعد إغلاق الباب على مشاركتها في المعارك ضد تنظيم "الدولة" في الشرقية.
وعاد هيلر ليؤكد أن الاهتمام الإقليمي والدولي يختلف من منطقة لمنطقة، وقال إن "فصائل الجنوب -وحسب علمي- لم ينقطع عنها الدعم العسكري، ولو اقتصر على فصائل معينة وتم توجيهه لأهداف جديدة، وهذا يعود للاهتمام الخاص بالجنوب لدى بعض القوى الإقليمية والدولية".
ولفت الباحث الأمريكي إلى أن إدلب "حالة صعبة ومعقدة في ظل سيطرة هيئة تحرير الشام وتغلبها على أحرار الشام"، وتابع حديثه قائلاً "أظن أن الدول باتت تنظر لإدلب في إطار مكافحة الإرهاب بشكل أساسي"، وأضاف إنه يعتقد أن "البدء باستهدافها من طرف دولي ما مجرد مسألة وقت" دون ذكر تلك الأطراف بالتحديد.
وتوقع أن يكون دور فصائل الجيش الحر في هذا الأمر أيضاً محدود نظراً "لضعفها أمام النصرة"، وقال "أثبتت النصرة مرة تلو أخرى أنها هي الوحيدة التي تملك القوة القتالية والأهم من ذلك الإرادة في أي مواجهة مع فصائل المعارضة".
التحول نحو الاندماج
وفي ظل هذا الحصار الذي أحاط بفصائل المعارضة السورية وقوض دورها، جاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف برنامج التسليح السري للمعارضة السورية والذي تقوده وكالة الاستخبارات الأمريكية؛ صاعقاً، وهو ما جعل بعض الفصائل تغير من استراتيجيتها بحيث تكون أكثر قوة وصلابة للعب دور في معارك محاربة الإرهاب، وأعلنت فصائل في "جبهة ثوار سوريا"، اندماجها عسكرياً وإدارياً وتنظيمياً وتشكيل "الفرقة الأولى مشاة"، جنوب سوريا، وتتألف هيكلية التشكيل الجديد من قيادة عامة، وكتيبة للإشارة، ومكاتب للتسليح والإغاثة والطبية والإعلام، وآخر للتنظيم والإدارة المالية.
وحول أي اندماج كامل للفصائل، أشار المتحدث باسم الجبهة الجنوبية عصام الريس إلى أن "الموضوع حساس جداً ولا توجد أي رؤية حالياً، وأضاف لبلدي نيوز أن "لا شيء سيتغير قبل الشهر كانون الأول القادم وهو تاريخ توقف برنامج الدعم الأمريكي".
وقال الباحث في المسار السياسي في مركز عمران ساشا العلو إن توحد فصائل المعارضة العسكرية "ضرورة ملحة لتحسين تموضعها السياسي والعسكري"، مشيراً في حديث خاص لـبلدي نيوز إلى أن أي توحد له عاملين، الأول: هو "سعي القوى الإقليمية والدولية لضبط المشاريع العسكرية المحلية وتطويعها للتهيئة للحل السياسي، إذ من المستحيل إنجاز أي حل سياسي بوجود مشاريع عسكرية محلية منفلتة من الضبط الإقليمي والدولي"، أما الثاني: لـ"محاربة هيئة تحرير الشام وتحديداً جبهة فتح الشام، والتي باتت تشكل تهديداً على باقي الفصائل في عدة مناطق منها الغوطة والشمال السوري".
منع محاربة "الدولة" وصعوبة قتال "القاعدة"
بعد فقدانها جميع الجبهات مع تنظيم "الدولة" وخاصة في البادية السورية، أكد العلو ضرورة انخراط فصائل المعارضة في محاربة هيئة تحرير الشام، معتبراً "أن الأسد وحلفائه استطاعوا إخراج المعارضة من دائرة حرب التنظيم التي مثلت مدخلاً مهماً لتعويم الأسد"، مضيفاً أن الفرصة الوحيدة اليوم للفصائل في ظل اتفاقيات خفض التصعيد هي "في التوسع وكسب أراضٍ جديدة وتقوية موقفها السياسي والعسكري عبر التصدي لهيئة تحرير الشام، وهذا لن يكون سهلاً دون التوحد والاندماج".
وبيّن المتحدث باسم الجبهة الجنوبية عصام الريس أن "الجيش الحر" يمتلك جبهات واسعة مع هيئة التحرير الشام، لكنه شكك باستعداده لمحاربة هيئة تحرير الشام، وقال إن "الجبهات موجودة على الأغلب ولكن هل هي مستعدة اعتقد يجب سؤال قادة الفصائل"، ولفت إلى أنه "ليس دور الفصائل تنفيذ أو التماشي مع البرنامج الأميركي الحالي أو ما هي سياسة أميركا الحالية، ولكن دورهم تحقيق مطالب الحاضنة الشعبية والشعب السوري وتطلعاته".
كما نفى الناطق الرسمي باسم فيلق الرحمن العامل في الغوطة الشرقية أن يكون هناك تحضير من قبل الفيلق للتشارك مع جيش الإسلام في محاربة هيئة تحرير الشام في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وقال في تصريح خاص لـبلدي نيوز إنه "لا يوجد حديث أو اتصال مع الجيش على الإطلاق".
عملية سياسية صعبة للغاية
إن التراجع في دور الفصائل العسكرية يجعل من عملية المفاوضات صعبة للغاية، وخاصة في ظل تقدم النظام على حساب تنظيم "الدولة" تجاه دير الزور، ويعتقد الباحث السوري ساشا العلو أن المسارات المتعددة من أستانا إلى الجنوب "تشير إلى وجود تفاهمات أوسع تصب باتجاه تهيئة الظروف الميدانية لإرساء حل سياسي تلعب فيه الدول الإقليمية الفاعلة في الملف السوري دور الضامن للفصائل على الأرض".
واعتبر أن ذلك يقابله "اعتراف القوى الدولية (روسيا- أمريكا) بحق الدول الإقليمية الضامنة في حماية أمنها القومي من أي مهددات ناجمة عن الأزمة السورية، وحصر دورها في المناطق الحدودية فقط، وهذا ما يؤكده اتفاق مناطق خفض التوتر، والذي قسّم سوريا إلى مناطق نفوذ تخضع لتفاهمات (إقليمية- دولية)".
فيما يرى الباحث الأمريكي سام هيلر أن "واشنطن انسحبت من مشروع إسقاط النظام"، وهو الأمر الذي سيؤثر على عملية التفاوض بشكل كبير، وأضاف أن "دعمها (أمريكا) للفصائل سوف يقتصر على حالات خاصة تلتقي فيها أهداف الفصائل مع مصالحها في الجنوب مثلاً، أو مع الفصائل التي تقاتل تنظيم الدولة".
ولفت هيلر إلى أن "أمريكا ترى مصلحتها الأولى هي استئصال تنظيم الدولة، أي مكافحة الإرهاب. ثم تأتي بعدها تخفيض التوتر والعنف والتوصل لتسوية سياسية. ولكن لم يعد لأمريكا استثمار إستراتيجي في فصائل المعارضة وقضيتها، أي إسقاط النظام".

مقالات ذات صلة

البادية السورية.. روسيا تزعم تدمير ثلاث قواعد في التنف

أمريكا تعلق على تقرير "العفو الدولية" الذي يتهمها بارتكاب انتهاكات في سوريا

تصريح أمريكي بخصوص قانون كبتاغون 2 ضد نظام الأسد

أمريكا تدرس تعزيز قواتها في سوريا

روسيا تضع نقطتي مراقبة على حدود الجولان جنوب سوريا

روسيا تحاول بسط سيطرتها على مناطق النظام شرقي الفرات