The Guardian – ترجمة بلدي نيوز
لا يزال التجويع يستخدم كسلاح في الحرب السورية، على الرغم من الاتفاق الجزئي لـ"وقف الأعمال العدائية" والذي كان من المفترض أن يخفف من المعاناة الإنسانية العميقة، وأن يفتح مساراً سياسياً يمكن أن يجلب نهاية للحرب التي استمرت لأكثر من خمس أعوام.
فبعد ما يقرب من ستة أسابيع على تنفيذ وقف إطلاق النار، يقول مسؤولون في المنظمات غير الحكومية بأن كلا الهدفين لم يحققا حتى الآن، وأن مساعدات أقل تصل للمناطق التي لا تزال محاصرة من قبل الحكومة السورية، ووفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود (MSF)، فإن الظروف خلال الأسبوعين الماضيين كانت مأساوية جداً، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق حيث تم استهدف اثنين من المستشفيات من قبل النظام السوري، وقتل طبيب آخر في البلدة القريبة من الزبداني برصاص قناص، بالإضافة إلى أن قوات الأسد تقوم بمصادرة المواد الطبية الحيوية من قوافل المساعدات وتمنعها من الوصول إلى المناطق المحرومة والتي لا تزال ترزح تحت حصار شديد.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة أن الأزمة الإنسانية الحادة في سورية تتفاقم لأن مسؤولي الحكومة السورية يرفضون دائماً منح الموافقة اللازمة لدخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية إلى المناطق 15 المحاصرة التي تسيطر عليها الحكومة في جميع أنحاء البلاد.
وقال يان إيجلاند، المستشار الخاص لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا: "لم يسمح لأربع من أصل خمس قوافل مساعدات من التحرك في الأيام الأخيرة"، وأضاف: "استطعنا الوصول فقط إلى مكانين من الأماكن المحاصرة، وهي: "دير معلا وعفرين" وحصل ما يقرب من 45.000 ألف شخص على المساعدات هناك.
وأضاف إيجلاند: "لقد وصلنا حتى الآن لـ 446.000 ألف شخص في المناطق التي يصعب الوصول إليها، والمناطق المحاصرة منذ بداية العام، لكن العمل الإنساني ليس في تحسن بل هو في تباطؤ مستمر" .
والمناطق التي يصعب الوصول إليها هي المناطق التي تم فيها فرض حصار التجويع من قبل النظام السوري أو وكلاءه في الحرب التي استمرت خمس سنوات، كما تحاصر ثلاث أجزاء أخرى من سوريا أيضاً، إحداهما من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، والثانية من قبل بعض القوى الإسلامية في شمال حلب، حيث يحاصرون قريتين شيعيتين وهما "كفريا والفوعة".
ومع ذلك، فإن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الغوطة، دوما، برزة وداريا في ضواحي دمشق والزبداني ومضايا، والتي هي أقرب إلى الحدود اللبنانية، والمحاصرة من قبل النظام السوري وحزب الله اللبناني- تبقى الأكثر تضرراً بشكل كبير، مع تقارير عن حالة وفاة جديدة بسبب الجوع وسوء التغذية المنتشرة على نطاق واسع بين السكان المحاصرين.
من منطقة "داريا" المحاصرة قرب العاصمة دمشق، كتبت النساء هناك هذا الأسبوع رسالة إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لبذل جهود مضاعفة لتقديم المساعدات، تقول الرسالة: "لا يوجد أي طعام على الإطلاق في داريا، وهناك حالات سوء تغذية شديدة في المدينة، وقد لجأت النساء هنا إلى طبخ حساء يحتوي على البهارات فقط لدرء الجوع، كما لا يوجد حليب للأطفال، وقد فقدت النساء القدرة على الإرضاع بسبب سوء التغذية، كما لا تتوفر أي مواد بسيطة للتنظيف من أجل ضمان النظافة والابتعاد قدر الإمكان عن الامراض".
هذا وقد تعهد مسؤولون سوريون بالسماح للمزيد من المساعدات للوصول إلى المناطق المحاصرة بعد إعلان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لاتفاق وقف إطلاق النار، والذي أدى إلى انخفاض الهجمات في أنحاء البلاد، ولكنه لم يشمل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة وجبهة النصرة، كما تم استهداف جماعات المعارضة، وخاصة في المناطق المحرومة والمحاصرة .
وقالت منظمة أطباء بلا حدود أن اثنين من المستشفيات التي تدعمها في الغوطة الشرقية قد تم قصفها من قبل النظام السوري، الأسبوع الماضي، مما أسفر عن مقتل 38 وإصابة 87 شخص، من بينهم خمسة من الطاقم الطبي.
و قال الأطباء أن مناطق مثل داريا ودوما لم تتلقيا أي إغاثة، فقد منعت عنهما المساعدات الإنسانية تماماً، وقال الدكتور بارت يانسن، مدير المجموعة الطبية للعمليات في برزة قرب دمشق، أن منطقة "الوعر" قرب حمص و"برزة" في دمشق تواجهان أيضاً إغلاقاً متكرراً لمنافذهما من قبل السلطات السورية عن أي مساعدات .
وأضاف الدكتور: "عندما تصل القوافل للمناطق المحاصرة، تصلنا تقارير من الأطباء هناك أن مواداً حيوية مفقودة، مثل المواد الجراحية والتخدير، وأن أكياس الدم قد أزيلت، بالإضافة إلى أن سوائل الحقن الوريدي أقل بكثير مما هو مطلوب".
ومن المقرر أن تستأنف في جنيف هذا الشهر محادثات السلام، ولكن من المرجح أن تتجه إلى طريق مسدود بشأن مستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، والتي تصر جماعات المعارضة أنه يجب أن يغادر قبل الانتقال السياسي، ولكن وروسيا و إيران، تصران أن موضوع تنحي الأسد غير قابل للنقاش أبداً.