بلدي نيوز – (أحمد عبدالحق)
يكتنف الغموض تفاصيل الاتفاق الروسي التركي في إدلب، رغم كل التصريحات الروسية التركية، وتبقى هناك مناطق استراتيجية كبيرة للمعارضة بمصير مجهول أبرزها جبل الزاوية والكبينة، الواقعة جنوبي الطريق الدولي المعروف بـ "M4"، والتي ستنكشف للقوات الروسية في حال وصلت لذلك الطريق سواء عبر دوريات أو سيطرة.
ويطرح مراقبون تساؤلات عديدة، عن مصير منطقة الكبينة، التي "سيكشف ظهرها" لروسيا وفق تعبيرهم، وكيف من الممكن أن يتح الطرف التركي لروسيا عبر دورياتها كشف منطقة استراتيجية عصية عليها لسنوات من خلال السماح بمسير دوريات في مناطق تشكل البعد الخلفي للمنطقة الحصينة، والتي من شأنها أن تعطي روسيا باباً لرصد المنطقة وكشف مواقع القوة والضعف فيها.
وأبدى مسؤول عسكري في فصائل المعارضة لـ "بلدي نيوز" - فضل عدم ذكر اسمه - تخوفه بشكل كبير من تجول الدوريات الروسية في مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، لاسيما منطقة ريف جسر الشغور الغربي واللاذقية، كونها مناطق حصينة وعصية وتحاول روسيا منذ سنوات تحقيق اختراق فيها دون جدوى.
واعتبر المصدر العسكري أن دخول دوريات روسية للمنطقة سيتيح لها رصد المنطقة عن قرب، وكشف بعض نقاط القوة التي تملكها الفصائل هناك، كما أن تطبيق الاتفاق من الممكن أن يجبر الفصائل على الابتعاد لحد معين عن المناطق التي سيشملها الاتفاق، وبالتالي إفراغ المنطقة من الفصائل وإعطاء المجال لروسيا والنظام لفتح ثغرات والتقدم فيها.
ونبه المصدر في حديثه لـ "بلدي نيوز" إلى ضرورة أن تأخذ الفصائل حذرها من دخول روسيا للمناطق المحررة، مذكراً بانتهاكها جميع الاتفاقيات السابقة لوقف النار، واستغلالها لإعادة ترتيب صفوفها وكشف مناطق القوة والضعف لدى الفصائل قبل استئناف العمليات العسكرية، وهذا ما سيكون له تبعيات كارثية ليس على المنطقة والفصائل بل على الجانب التركي الذي سيخسر ورقة قوية وفق تعبيره.
وشكلت منطقة الكبينة بريف اللاذقية، عثرة كبيرة أمام النظام وروسيا طيلة السنوات الماضية، وكانت ثقباً أسوداً ابتلع المئات من الدبابات والأليات والآلاف من العناصر التي حاولت التقدم باتجاه التلال المحصنة في المنطقة دون جدوى، رغم استخدام كل الوسائل العسكرية والأسلحة لتحقيق التقدم إلا أنه لم ينفعها.
وكان أخذ ملف الطريق الدولي حيزاً كبيراً من الجدل الحاصل حول الاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار شمال غرب سوريا، مع الغموض الذي يكتنف كثير من التفاصيل حول مصير المناطق الواقعة جنوب الطريق والتي لاتزال تحت سيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا.
ومع تضارب التصريحات لاسيما التركية مع تصريحات النظام حول الاتفاق، يجول في الأوساط المتابعة سواء من الفصائل أو الفعاليات الثورية وحتى المحللين، تساؤلات كثيرة عن مصير هذه المناطق، بما فيها "جبل الزاوية وسهل الغاب وأريحا وجسر الشغور وصولاً لريف اللاذقية" التي يحكمها ذلك الطريق من سراقب حتى اللاذقية.
ففي الوقت الذي تحدث فيها وزير الخارجية التركية تشاويش أوغلوا عن أن جنوب الطريق سيكون تحت إشراف الطرف الروسي، قالت المستشارة الإعلامية لرئاسة الجمهورية السورية "بثينة شعبان" إن تطبيق الاتفاق سيعطي النظام السيطرة على أريحا وجسر الشغور والمناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي، في وقت لم تصدر الفصائل المعارضة أي تعلق على الأمر.
وفي وقت سابق اليوم، تحدث الرئيس التركي ووزير الدفاع في تصريحات صحفية، عن دوريات روسية تركية على الطريق الدولي "M4"، دون الإشارة للسيطرة الروسية على جنوب الطريق، إلا أن أحداً لم يتطرق لملف كبير وشائك لدى روسيا يتعلق بمنطقة الكبينة بريف اللاذقية، والتي شكلت ثقباً أسوداً لروسيا والنظام طيلة الفترة الماضية.
وحاولت روسيا عبر شراء العملاء والتواصل مع بعض قيادات فصائل المعارضة بشكل غير مباشر، للحصول على بعض أسرار الصمود في منطقة الكبينة، إلا أنها فشلت في ذلك، وكانت الفصائل المرابطة هناك على وعي كامل بما تخطط له روسيا وأفشلت كل تلك المخططات على مختلف المستويات وبقيت الكبينة عصية حتى اليوم.